هل يجوز إعادة استخدام أثر العائن للاغتسال به من العين مرة أخرى؟ أم لابد من أثر جديد؟ وهل يجب تكرار الغسل؟ وما هو عدد المرات كحد أقصى؟
يجوز أن يؤخذ أثر من العائن اتصل بدنه، كقميص، أو نوى التمر والسدر والمشمش والكرز وبقايا قشور البطيخ، وما شابه ذلك مما مسه بفمه، أو أن يؤخذ ما تبقى منه في كأس القهوة والشاي العصير، فيوضع ذلك في ماء يستعمله المعيون شربا واغتسالا، وقد ثبت بالتجربة نفع ذلك. ولا حرج في تكرار الغسل إذا تكررت الإصابة بالعين من نفس الشخص.
الحمد لله.
العين حق، ومن النافع في علاجها أخذ ماء العائن؛ لما روى مسلم (2188) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا .
وروى أبو داود (3880) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: “كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ” وصححه الألباني.
وروى أحمد (15550)، وابن ماجه (3509) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَلُبِطَ سَهْلٌ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ قَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ”.
ويجوز أن يؤخذ أثر من العائن اتصل بدنه، كقميص، أو نوى التمر والسدر والمشمش والكرز وبقايا قشور البطيخ، وما شابه ذلك مما مسه بفمه، أو أن يؤخذ ما تبقى منه في كأس القهوة والشاي العصير، فيوضع ذلك في ماء يستعمله المعيون شربا واغتسالا، وقد ثبت بالتجربة نفع ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” ولكن من أصيب بالعين فماذا يصنع؟ يعالج بالقراءة، وإذا علم عائنه فإنه يطلب منه أن يتوضأ ويؤخذ ما يتساقط من ماء وضوئه، ثم يعطى للعائن يصب على رأسه وظهره ويسقى منه، وبهذا يشفى بإذن الله.
وقد جرت العادة عندنا أنهم يأخذون من العائن ما يباشر جسمه من اللباس مثل الفنيلة والطاقية وما أشبه ذلك، بالماء، ثم يسقونها العائن ورأينا ذلك يفيده حسبما ما توارد عندنا من النقول.
فضيلة الشيخ: يسقونها من أصابته العين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أي نعم؛ فإذا كان هذا هو الواقع فلا بأس باستعماله لأن السبب إذا ثبت كونه سبباً شرعاً أو حساً، فإنه يعتبر صحيحاً، أما ما ليس بسببٍ شرعي أو حسي فإنه لا يجوز اعتماده ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
وقال رحمه الله في “شرح كتاب التوحيد”: ” ويستعمل للعين طريقة أخرى غير الرقية، وهو الاستغسال، وهي أن يؤتى بالعائن، ويطلب منه أن يتوضأ، ثم يؤخذ ما تناثر من الماء من أعضائه، ويصب على المصاب، ويشرب منه، ويبرأ بإذن الله.
وهناك طريقة أخرى، ولا مانع منها أيضا، وهي أن يؤخذ شيء من شِعاره، أي: ما يلي جسمه من الثياب؛ كالثوب، والطاقية، والسروال، وغيرها، أو التراب إذا مشى عليه وهو رطب، ويصب على ذلك ماء يرش به المصاب أو يشربه، وهو مجرب ” انتهى من “مجموع مؤلفات ابن عثيمين” (9/ 88).
والظاهر: أنه لو بقي من ماء العائن، أو بقي شيء من أثره، ووضع في الماء: أن ذلك ينفع إن شاء الله.
ولا حرج في تكرار الغسل إذا تكررت الإصابة بالعين من نفس الشخص، ولا يظهر ما يمنع من تكرار الغسل من الإصابة الواحدة أيضا، كما تتكرر الرقية من نفس الداء، ويتكرر الدعاء بنفس المطلوب، فتكرار السبب، لنفس الطلب ثابت من حيث الأصل، ولا حجر فيه إن شاء الله.
والله أعلم.