الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

حكم الاحتفال بالكريسماس في الإسلام

السؤال

ماذا تقولون للمسلمين بالمملكة المتحدة الذين يقومون في وقت الكريسماس بإقامة حفل عشاء عند الكريسماس أو بعده في منزلهم، لأسرتهم المسلمة، كأن يقوموا بإعداد ديك رومي مشوي وباقي عشاء الكريسماس المعتاد، ويزينوا منزلهم بالبالونات وقصاصات الورق ويقوموا بعمل “سانتا السري”، حيث يقوم كل قريب سرا باختيار هدية لأحد الحضور، ويحضر الهدية للحفلة ليعطيها لمن اشتراها له، دون أن يعرف بنفسه (وسانتا السرى هذا هو تقليد متنامي جديد بين غير المسلمين الذين يحتفلون بالكريسماس، تماشيا مع معتقداتهم الخرافية بشأن سانتا كلوز)؟ فهل هذا العمل يعد حلالا أو حراما، إذا لم يحضر هذا الحفل إلا المسلمين (أقارب من الأسرة)؟

ملخص الجواب

حكم الاحتفال بالكريسماس في الإسلام التحريم لما فيه من التشبه بالكفار ومخالفة العقيدة الإسلامية. والواجب على المسلم ألا يخص أيام الكريسماس بشيء من الاحتفال أو الزينة أو الطعام، وإلا كان مشاركا للكفار في أعيادهم، وهو أمر محرم لا شك في تحريمه.

الحمد لله.

ما حكم الاحتفال بالكريسماس في الإسلام؟

لا شك في تحريم ما ذكرت من الاحتفال؛ لما فيه من التشبه بالكفار، ومعلوم أن المسلمين ليس لهم عيد سوى الفطر والأضحى، وعيد الأسبوع الذي هو يوم الجمعة، وأي احتفال بعيد آخر فهو ممنوع، ولا يخرج عن أحد أمرين: البدعة، إن كان الاحتفال به على وجه التقرب إلى الله، كالاحتفال بالمولد النبوي، والتشبه بالكفار: إن كان الاحتفال على وجه العادة لا القربة؛ لأن إحداث الأعياد المبتدعة هو من فعل أهل الكتاب الذين أمرنا بمخالفتهم، فكيف إذا كان هذا الاحتفال بعينه عيدا من أعيادهم!

هل يجوز تخصيص الكريسماس بالزينة والهدايا؟

وتزيين المنازل بالبالونات في هذا الوقت مشاركة ظاهرة للكفار في الاحتفال بعيدهم.

والواجب على المسلم ألا يخص هذه الأيام بشيء من الاحتفال أو الزينة أو الطعام، وإلا كان مشاركا للكفار في أعيادهم، وهو أمر محرم لا شك في تحريمه.

أقوال العلماء حول الاحتفال بالكريسماس

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

“وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى، أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من تشبه بقوم فهو منهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم):” مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء” انتهى كلامه رحمه الله.

ومن فعل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة، أو توددا، أو حياء، أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم ” انتهى من “فتاوى ابن عثيمين” (3/ 44).

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جواب مفصل في هذه المسألة، وهذا نصه:

“سئل رحمه الله تعالى عمن يفعل من المسلمين: مثل طعام النصارى في النيروز. ويفعل سائر المواسم مثل الغطاس، والميلاد، وخميس العدس، وسبت النور. ومن يبيعهم شيئا يستعينون به على أعيادهم أيجوز للمسلمين أن يفعلوا شيئا من ذلك؟ أم لا؟

فأجاب:

الحمد لله لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء، مما يختص بأعيادهم، لا من طعام، ولا لباس ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة، وغير ذلك. ولا يحل فعل وليمة، ولا الإهداء، ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك. ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة. وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام، لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم…، وأما تخصيصه بما تقدم ذكره: فلا نزاع فيه بين العلماء. بل قد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل هذه الأمور، لما فيها من تعظيم شعائر الكفر، وقال طائفة منهم: من ذبح نطيحة يوم عيدهم فكأنما ذبح خنزيرا.

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: من تأسى ببلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم، ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك: حشر معهم يوم القيامة.

وفي سنن أبي داود: عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها من وثن يعبد من دون الله من أوثان الجاهلية؟  قال: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟  قال: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم.

فلم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل أن يوفي بنذره، مع أن الأصل في الوفاء أن يكون واجبا، حتى أخبره أنه لم يكن بها عيد من أعياد الكفار، وقال: لا وفاء لنذر في معصية الله.

فإذا كان الذبح بمكان كان فيه عيدهم معصية، فكيف بمشاركتهم في نفس العيد؟ بل قد شرط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والصحابة وسائر أئمة  المسلمين أن لا يظهروا أعيادهم في دار المسلمين، وإنما يعملونها سرا في مساكنهم، فكيف إذا أظهرها المسلمون أنفسهم؟ حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ” لا تتعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخط ينزل عليهم”.

وإذا كان الداخل لفرجة أو غيرها منهيا عن ذلك؛ لأن السخط ينزل عليهم، فكيف بمن يفعل ما يسخط الله به عليهم، مما هي من شعائر دينهم؟!

وقد قال غير واحد من السلف في قوله تعالى: والذين لا يشهدون الزور. قالوا أعياد الكفار، فإذا كان هذا في شهودها من غير فعل، فكيف بالأفعال التي هي من خصائصها.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، في المسند والسنن، أنه قال: من تشبه بقوم فهو منهم وفي لفظ: ليس منا من تشبه بغيرنا وهو حديث جيد؛ فإذا كان هذا في التشبه بهم، وإن كان من العادات، فكيف التشبه بهم فيما هو أبلغ من ذلك؟…” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (2/ 487)، “مجموع الفتاوى” (25/ 329).

يمكنك قراءة المزيد من خلال هذه الأجوبة: (85108، 13642، 106668، 7876، 947، 21694، 121554، 178136).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب