الحمد لله.
أولا :
القول بأن الحوت الذي التقم يونس عليه السلام لا يزال حيا ؛ لقوله تعالى : ( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) الصافات/ 143، 144 .
قول غير صحيح ، لأنه قول محدث لا دليل عليه ، ولا نعلم أحدا من أهل العلم بالتفسير أو بالعربية قال ذلك .
والاستدلال بالآية على ذلك استدلال غير صحيح ؛ فإن " لولا " حرف امتناع لوجود ، أي امتناع تحقيق جوابها، لوجود شرطها ، يعني إذا وجد الشرط امتنع تحقق الجواب .
وينظر حول ذلك : "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (2/ 284) .
فلما كان يونس عليه السلام
من المسبحين ، امتنع أن يلبث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون ، وهذه الآية كقوله تعالى
: ( لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ ) الأنفال/ 68 . فامتنع وقوع العذاب ، لما سبق في الكتاب .
وقوله تعالى : ( وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ
شَيْئًا قَلِيلًا ) الإسراء/ 74 .
فامتنع ركونه صلى الله عليه وسلم للمشركين لحصول تثبيت الله له .
وحاصل ذلك :
أن يونس عليه السلام : كان من المسبحين ؛ ولأجل ذلك أنجاه الله من تلك الظلمات ،
ولم يلبث في بطن الحوت تلك المدة التي كانت مقدرة ، لو لم يكن من المسبحين .
ثم ؛ لا علاقة لشيء من ذلك ، من قريب ، أو بعيد : بحياة الحوت الآن ، أو متى مات ،
أو لم يمت ؛ فكل هذا مبني على تقدير ، لم يحصل .
بل يقال أيضا : المكث في بطن الحوت إلى يوم يبعثون لا يلزم منه أن لا يزال الحوت حيا إلى يوم القيامة ، فغير ممتنع أن يموت الحوت ويموت الإنسان في بطن الحوت ، ثم يمكث في بطنه إلى يوم البعث ، كما يمكث الميت في قبره إلى يوم البعث .
والله تعالى أعلم .
تعليق