الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

لا يكلم والده ، ولا عماته ، ولا يصلي ، ويسيء الظن بالله تعالى.

السؤال

ما حكم الذي لا يكلم والده بسبب سوء معاملته ، وعلاقاته المحرمة مع النساء ، وعدم القيام بواجباته اتجاه عائلته ، وكل مرة يطلق والدته ، ولن يسأل ، ولن يزور عماته اللواتي أسأن إلى والدته ، ولكن عندما يلتقي بهن في الشارع يسلم عليهن ، ولا يكلم زملاءه في العمل بسبب المشاكل ، رغم أنه لا يحمل أي بغضاء ولا شحناء ضده ، ولا يصلي ؛ لأنه يقول دائماً أن الله لن يقبل صلاته ، لأنه لا يصلي الصلوات الخمس في المسجد ، وأنه قاطع للرحم ، ولا يكلم بعض الأشخاص ؛ لأنهم أساءوا إليه ، وأنه لن يسامحهم ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
من اجتمعت عليه الهموم ، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت ، وفسدت علاقته بأقربائه وأصدقائه والناس من حوله ، فعليه أن يلجأ إلى الله ، وأن يراجع نفسه ، ويحاسبها على تجاوزاتها وأخطائها ، ويتهمها بالقصور والعصيان ، ويتوب إلى الله تعالى ، ويحسن العمل .

ثانيا :
أما الأب فالواجب هو الإحسان إليه ومعاملته بالمعروف ، فلا يجوز هجره مهما فعل من المعاصي ، فإن حق الوالدين عظيم ، ولا يسقطه وقوعهما في المعصية أو إصرارهما عليها .
فإن الله تعالى أمر بحسن صحبة الوالدين ، ولو كانا يأمران ولدهما بالشرك بالله تعالى ، ويجاهدانه على ذلك .
قال الله تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) لقمان/15 .
وينظر جواب السؤال رقم : (174800).

ثالثا :
حصول المشاكل العائلية والأسرية لا يقتضي الهجر والمعاداة ، والوصل وإفشاء السلام والمحبة أولى بالمسلم في رحمه ومعارفه ، وأقرب للتقوى، وأنفى للهجر المحرم الذي حرمه الله ورسوله ، وإن كان رحمه قد ظلمه ، فالعفو أحب إلى الله ورسوله ، فلا تترك ما يحبه الله ورسوله ، إلى ما يبغضه الله ورسوله وينهى عنه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : " أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي ، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ ، فَقَالَ : ( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ) رواه مسلم ( 2558 ) .
الملّ : الرماد الحار .

رابعا :
وكذلك زملاء العمل: فلا يكاد عمل يخلو من المشاكل والاختلاف ، وإذا لم يتغافل المرء عن كثير من الأمور ، ويتحل بالصبر، ويعف عن الناس ، ويصبر على أذاهم : فإن الذهاب إلى العمل يكون مصدر ضيق وهم ونكد .
وإذا تحلى بالصبر ، وتغاضى عن كثير من الأمور ، وسامح وعفا: فقد وقع أجره على الله ، وأحبه زملاؤه ، وتعرفوا منه على كريم الخصال ، ومحاسن الأخلاق ، فيصير قدوة حسنة ومثلا صالحا بين الناس .
أما توالي المشاكل مع الناس لكثرة الاختلاف معهم ، والشعور بظلمهم ، بحق وبدون حق، والرغبة في الابتعاد عنهم ، وعدم الصفح عنهم فيما أساءوا فيه إليه : فليس ذلك في مصلحة المسلم لا في دينه ولا في دنياه ؛ ولا يمكن أن يستقيم له أمر عيشه على تلك الحال ، ولا أن يصلح به دينه ، ولا تهنأ له دنياه .

خامسا:
ثم تجيء البلية الكبرى ، وهي ترك الصلاة ، وسوء الظن بالله ، وهاتان كبيرتان تذهبان بالدين كله، وتمحقان كل بركة ، وتجلبان كل شقاء، فترك الصلاة بالكلية كفر وخروج عن الملة، وسبب كل ضيق وكرب وشقاء .
انظر السؤال رقم : (5208) ، و(83997) .
وسوء الظن بالله كبيرة من أعظم الكبائر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (174619) .

فعلى هذا الشخص أن يراجع نفسه في أموره كلها ، وأن يتوب إلى الله تعالى مما أخطأ فيه ، ويصلح ما أفسده ، فيحسن معاملته لأبيه وعماته وزملائه ، وأهم من ذلك كله : أن يحافظ على الصلاة ، ويكثر من دعاء الله تعالى أن يتقبل توبته ، وأن يصلح له أحواله ، ويوفقه لما فيه خيره في الدنيا والآخرة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب