الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل يمكن للساحر أن يؤثر على أكساب الناس وأرزاقهم ؟

181688

تاريخ النشر : 14-09-2012

المشاهدات : 160540

السؤال


هل يمكن التعدي على أرزاق الناس والتأثير عليها عن طريق السحر؟ أطرح هذا السؤال لأن عائلتي مهما تكسب من أموال فإنها سرعان ما تنصرف ، ولا نستطيع ادخار أي شيء منها، لقد أخبرني شخص أعرفه يستخدم الجنّ أن لعميّ يداً في هذا الأمر، قال إن لدى عمي كتاباً يحتوي على بعض التعويذات يستخدمه لهذا الشأن. ويجب أن اذكر هنا أن عمي لا يحبنا رغم محاولاتنا المتكررة في تقريبه وإدنائه منّا ، فما قولكم؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا شك أن السحر قد يكون له تأثير في حصول المشكلات المادية والأمراض العضوية والاضطرابات النفسية ، راجع جواب السؤال رقم : (161044) .
وراجع للوقوف على الطرق الشرعية لعلاج السحر جواب السؤال رقم : (11290) ، (12918).
ثانيا :
لابد أن يكون العبد على يقين تام أنه يستكمل في دنياه رزقه كما يستكمل أجله ، وأن أحدا لا يمكن أن يحول بينه وبين استكمال رزقه ، كما لا يمكن لأحد أن يحول بينه وبين استكمال أجله.
روى الطبراني في "المعجم الكبير" (7694) عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها ، فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله ؛ فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) صححه الألباني في " صحيح الجامع " (2085) .
وروى ابن حبان (3238) عن أبي الدرداء قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله ) حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (1703) .

وقد انتشر بين الناس ما يسمى بسحر تعطيل الرزق ، واخترع بعضهم رقية خاصة لفكه ، وهذا كله من عدم التوكل على الله وضعف اليقين والبدعة في الدين ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/ 2، 3
ولكن قد يتسلط الساحر على مال الناس بالإفساد ، وقد يستعين بالجن لسرقة المال وإتلافه ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا كان قد تسبب في سحره في قتل أحد من الناس ، أو عدوانٍ عليه فيما دون القتل ، فإنه يضمن لحق الآدمي، فإن كان بقتل قتل قصاصاً، وإن كان بتمريض نظر في أمره, وإن كان بإفساد مال ضمن هذا المال " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (15 /6) .
ثالثا :
عدم حصول البركة في المال وكونه يتبدد سريعا ولا تستطيعون ادخار شيء منه لا يعني بالضرورة أن سببه وقوع السحر ؛ فإن لذلك أسبابا عديدة ، منها وقوع المعصية وقطيعة الرحم والتبذير والإسراف في الإنفاق وغير ذلك من الأسباب .
فالواجب أولا النظر في هذه الأسباب ومعالجتها ، وهي في الغالب من وراء ما يحصل لكم .
راجع لمعرفة أثر المعصية في الحرمان وذهاب البركة جواب السؤال رقم : (13220) ، ورقم : (132083) .
رابعا :
لا يجوز اعتماد قول هذا الشخص الذي يستخدم الجن ويسخره في اتهام عمّكم بعمل السحر لكم ؛ لأن هذا الشخص ليس بعدل أصلا ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات/ 6
وفي اتهام عمكم بذلك من القطيعة وسوء الظن واعتماد قول الفاسق غير العدل ما تأثمون به أشد الإثم . وقد نهت الشريعة عن كل ما يؤدي إلى الوقيعة بين المسلمين .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (14/92) :
" تَحْرُمُ التُّهْمَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَمَارَةٌ صَحِيحَةٌ ، أَوْ سَبَبٌ ظَاهِرٌ كَاتِّهَامِ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَسُوءِ الظَّنِّ بِهِمْ " انتهى .
خامسا :
عليكم باستدامة الوصل بعمكم وإدنائه وتقريبه ، وإن كان ينفر منكم ولا يحب قربكم ؛ فقد روى البخاري (5991) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا )
وروى أحمد (16999) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي ( يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ )
صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (2536) . راجع جواب السؤال رقم : (4631) .

بل إن صلة هذا العم القاطع ، أو المائل عنكم ، هي من أسباب جلب الرزق ، والبركة فيه .
وينظر جواب السؤال رقم : (145514) .
فإذا تحققت الصلة بينكم ، فإن من تمامها ، ومن البر به أن تنصحوه بترك السحر ، وإحراق كتبه ، وأنه لا يحل له أن يعمل بهذا السحر ، ولا أن يتعلمه ، أو ينظر في كتبه ، بل الواجب عليه أن يتلفها ويتخلص منها .
راجع جواب السؤال رقم : (152192).

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب