الحمد لله.
أولا :
لا شك أن السحر قد يكون له تأثير في حصول المشكلات المادية والأمراض العضوية والاضطرابات النفسية ، راجع جواب السؤال رقم : (161044) .
وراجع للوقوف على الطرق الشرعية لعلاج السحر جواب السؤال رقم : (11290) ، (12918).
ثانيا :
لابد أن يكون العبد على يقين تام أنه يستكمل في دنياه رزقه كما يستكمل أجله ، وأن أحدا لا يمكن أن يحول بينه وبين استكمال رزقه ، كما لا يمكن لأحد أن يحول بينه وبين استكمال أجله.
روى الطبراني في "المعجم الكبير" (7694) عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها ، فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله ؛ فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) صححه الألباني في " صحيح الجامع " (2085) .
وروى ابن حبان (3238) عن أبي الدرداء قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله ) حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (1703) .
وقد انتشر بين الناس ما يسمى بسحر تعطيل الرزق ، واخترع بعضهم رقية خاصة لفكه ،
وهذا كله من عدم التوكل على الله وضعف اليقين والبدعة في الدين ، وقد قال الله
تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ
حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/
2، 3
ولكن قد يتسلط الساحر على مال الناس بالإفساد ، وقد يستعين بالجن لسرقة المال
وإتلافه ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا كان قد تسبب في سحره في قتل أحد من الناس ، أو عدوانٍ عليه فيما دون القتل ،
فإنه يضمن لحق الآدمي، فإن كان بقتل قتل قصاصاً، وإن كان بتمريض نظر في أمره, وإن
كان بإفساد مال ضمن هذا المال " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (15 /6) .
ثالثا :
عدم حصول البركة في المال وكونه يتبدد سريعا ولا تستطيعون ادخار شيء منه لا يعني
بالضرورة أن سببه وقوع السحر ؛ فإن لذلك أسبابا عديدة ، منها وقوع المعصية وقطيعة
الرحم والتبذير والإسراف في الإنفاق وغير ذلك من الأسباب .
فالواجب أولا النظر في هذه الأسباب ومعالجتها ، وهي في الغالب من وراء ما يحصل لكم
.
راجع لمعرفة أثر المعصية في الحرمان وذهاب البركة جواب السؤال رقم : (13220) ، ورقم
: (132083) .
رابعا :
لا يجوز اعتماد قول هذا الشخص الذي يستخدم الجن ويسخره في اتهام عمّكم بعمل السحر
لكم ؛ لأن هذا الشخص ليس بعدل أصلا ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات/ 6
وفي اتهام عمكم بذلك من القطيعة وسوء الظن واعتماد قول الفاسق غير العدل ما تأثمون
به أشد الإثم . وقد نهت الشريعة عن كل ما يؤدي إلى الوقيعة بين المسلمين .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (14/92) :
" تَحْرُمُ التُّهْمَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَمَارَةٌ صَحِيحَةٌ ، أَوْ سَبَبٌ
ظَاهِرٌ كَاتِّهَامِ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَسُوءِ
الظَّنِّ بِهِمْ " انتهى .
خامسا :
عليكم باستدامة الوصل بعمكم وإدنائه وتقريبه ، وإن كان ينفر منكم ولا يحب قربكم ؛
فقد روى البخاري (5991) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ
الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا )
وروى أحمد (16999) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي ( يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ صِلْ
مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ )
صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (2536) . راجع جواب السؤال رقم : (4631) .
بل إن صلة هذا العم القاطع ، أو المائل عنكم ، هي من أسباب جلب الرزق ، والبركة
فيه .
وينظر جواب السؤال رقم : (145514) .
فإذا تحققت الصلة بينكم ، فإن من تمامها ، ومن البر به أن تنصحوه بترك السحر ،
وإحراق كتبه ، وأنه لا يحل له أن يعمل بهذا السحر ، ولا أن يتعلمه ، أو ينظر في
كتبه ، بل الواجب عليه أن يتلفها ويتخلص منها .
راجع جواب السؤال رقم : (152192).
تعليق