الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

الطريق لتحصين البيوت المسلمة من أذى السحر ، والتحذير من المشعوذين

225740

تاريخ النشر : 23-03-2015

المشاهدات : 115488

السؤال


والدي ووالدتي في مشاكل من سنين ، وأكثر من شيخ قرأ لنا في البيت وقال إن فيه سحرا ، وإن أمى ممسوسه . قريبة لنا تعرف شيخا ولما راحت وقبل ما تحكي له على المشكله هو قالها إنها جاءت عشان كذا وكذا ، من غير حتى ما تقول له على أسامينا ، أنا في البداية رفضت أشوفه لحد ما تأكدت أنه لا يعالج إلا بالقرآن ، وجاء وقرأ الرقية الشرعية في البيت وطلب نجيب : مسك وقسط بحري وعسل أبيض وزيت زيتون ، ويأخدهم يقرأ عليهم وجابها ثاني يوم عشان نستعمله ، وقال لأمي : إنه بعت جن مسلم يحصن البيت وطلب منى أجيب خاتم فضه يقرأ عليه وألبسه على طول لأنه قال لي : إن فيه حد بيحاول يأذينى بسحر أسود ويوقف زواجي اللي إن شاء الله بعد شهر . هل الخاتم هذا يعتبر تميمة ؟ ونستمر مع الشيخ هذا أم لا ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
ينبغي لمن يواجه المشكلات عموما أو يخشى من تأثيرات الشياطين أو السحرة خصوصا ، أن يزداد حرصه على التمسك بما أوجب الله عليه من الفرائض ، والمداومة المستمرة الدؤوبة على الأذكار والتحصينات ، التي أرشدنا إليها نبينا الناصح الأمين صلوات الله وسلامه عليه ، فمن التزم ذلك ، فإن الله يكفيه ويحميه ويحرسه ، ولن يضره سحر لم يأذن الله به .
قال تعالى : ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) ، فأثبت لهم الضر ، لكن بإذن الله وتقديره ومشيئته .
وروى الترمذي (2516) وصححه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال له : ( ... وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفِر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) رواه مسلم ( 780 ) .

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اقرءوا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البَطَلة [ أي : السحرة ] ) رواه مسلم (804) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الطريق للتخلص أن يعلق الإنسان قلبه بربه ، ويفوض أمره إليه ، ويحقق التوكل على الله ، ويستعمل الأوراد الشرعية التي بها يحصن نفسه ويحفظها من شر هؤلاء ، وما كثر الأمر في الناس في الآونة الأخيرة من السحرة والحساد وما أشبه ذلك إلا من أجل غفلتهم عن الله ، وضعف توكلهم على الله عز وجل ، وقلة استعمالهم للأوراد الشرعية التي بها يتحصنون ، وإلا فنحن نعلم أن الأوراد الشرعية حصن منيع ، أشد من سد يأجوج ومأجوج ، لكن مع الأسف أن كثيرا من الناس لا يعرف عن هذه الأوراد شيئا ، ومن عرف فقد يغفل كثيرا ، ومن قرأها فقلبه غير حاضر ، وكل هذا نقص ، ولو أن الناس استعملوا الأوراد على ما جاءت به الشريعة ؛ لسلموا من شرور كثيرة " انتهى من " تفسير جزء عم " لابن عثيمين (ص354) .

ثانيا :
بعض الناس سريع إلى الأوهام والظنون ، فبمجرد حصول مشكلة أو تعطل مصلحة ، فإنه يبادر إلى توهم السحر ، ويغلب عليه هذا الظن حتى يصير بمنزلة اليقين عنده ، وربما كان في الحقيقة مجرد توهم لا أصل له ، فيضر نفسه من حيث يظن أنه ينفعها .
وهذا لا يمنع وجود السحر وحصوله ، ولكن الغالب أن أسباب المشاكل إما أن تكون دينية ، أو دنيوية محسوسة معلومة ، هذا هو الغالب .

ولذلك كان بعض السلف يقول : " إني لأرى آثار معصيتي في دابتي وزوجتي " فالمعاصي والذنوب ، من أهم أسباب الفتن والمشاكل ، كما أن الطاعة سبب للسكينة وصلاح ذات البين .
أما إرجاع المشاكل إلى أسباب تتعلق بتأثيرات السحر ونحوها ، فقد يكون في كثير من الأحيان هروبا من الواقع ، وتملصا من المسؤولية الملقاة على العاتق ، وتبريرا للتصرفات الخاطئة التي يرتكبها الإنسان .

وقد سألت امرأة الشيخ ابن باز رحمه الله ، فقالت : أنا أبلغ من العمر ثماني وعشرين سنة ، ولم أتزوج بعد ، وعندي شك بأنني مسحورة ، ما هو الطريق الذي أسلكه حتى يبتعد عني ما أخافه ؟

فأجاب : " هذه يا بنتي أوهام ، لا ينبغي لك أن تعتقديها ، هذه أوهام وليست سحرا ، ولكنها الأوهام التي تصيب الناس إذا تعطل شيء من شؤونهم ، توهموا أشياء ، فلا ينبغي لك أن تعتقدي هذا ، نعم ، السحر موجود وله أسباب ، لكن ليس تعطل الزواج أو تعطل بيع السلعة ، أو طول المرض يدل على السحر ، فقد يقع بأسباب أخرى ، وإذا كنت شعرت من أحد ، أنه فعل شيئا أوجب لك ما يضرك : تعالجي ، والحمد لله ، العلاج موجود في كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، فأحسن علاج وأولى علاج القرآن الكريم ، وتلاوة الآيات والنفث بها ، على المسحور فإن هذا من أسباب شفاء الله " من " فتاوى نور على الدرب " (3/307) .

وللاستفادة في طرق علاج السحر ، يرجى مراجعة الأسئلة : (12918) ، (11290) .

ثالثا :
هذا الرجل الذي يستعين بالجن لا يجوز الذهاب إليه ولا الاعتماد على قوله .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (121234) ، وجواب السؤال رقم : (6846) .

والنصيحة لكم : أن تحرصوا على رقية أنفسكم بأنفسكم ، وأن تحصنوا بيوتكم بأنفسكم ، فتكثروا فيها من قراءة القرآن ، وخاصة سورة البقرة ، فإن قراءتها تطرد الشياطين من البيوت ، كما جاءت بذلك الأحاديث ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (201326) .

فإن أبيتم إلا الذهاب إلى الرقاة ، فليكن راقيا معروفا ، مشهودا له بالصلاح والتقوى .

رابعا :
هذا الخاتم الذي قرأ عليه يعتبر من التمائم ، فلا يجوز لبسه ، وقد روى الإمام أحمد (16951) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ) .

وقد سبق بيان أحكام تعليق التمائم والحروز بشيء من التفصيل في جواب السؤال رقم : (10543) فليراجع .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب