الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

التأمين الصحي وحكم العمل في قسم التأمين بالمستشفى

السؤال

هل العمل كطبيبة في قسم التأمين في مستشفي خاص تقتصر مهمتي فيه على إرسال تقارير طبية للمريض المطلوب له إجراء فحوصات أو عملية إلى شركة التامين للموافقة على عملها تبع التأمين حرام أم حلال؟ أرجو من سيادتكم الإيضاح

الجواب

الحمد لله.

أولا :
التأمين التجاري محرم بجميع صوره ، سواء كان تأمينا على الحياة ، أو الصحة ، أو على الممتلكات . لكن يجوز التعامل به في حالتين :
الأولى : أن يجبر الإنسان عليه ، كما لو أجبر على التأمين على سيارته ، أو أجبرت المؤسسة على التأمين الصحي لموظفيها ، ويكون الإثم حينئذ على الآمر المجبِر .
والثانية : أن يضطر الإنسان إلى التأمين الصحي أو يحتاج إليه حاجة شديدة لعدم تمكنه من العلاج على نفقته دون تأمين ، فهذه حاجة تبيح التعامل بالتأمين الصحي عند جمع من أهل العلم ، لأن علة التحريم في هذا التأمين هي الغرر (الجهالة) والمقامرة لا الربا ، وما كان كذلك ، جاز عند الحاجة .
ووجه الغرر : أن المؤمّن يدفع مالا لا يدري أينتفع بخدمات علاجية مساوية له أو أكثر منه أو أقل .
ومن أنواع التأمين ما هو قائم على الغرر والربا معا ، كالتأمين على الحياة ، فإن المؤمّن يدفع أقساطا لا يدري عددها ، مقابل مال معلوم أزيد مما دفع .
وممن ذهب إلى جواز التأمين الصحي عند الحاجة : الدكتور علي محيي الدين القرة داغي ، والـدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم ، والدكتور يوسف الشبيلي ، والدكتور خالد الدعيجي .
ومن كلام أهل العلم في تقرير أن ما حرم لأجل الغرر جاز عند الحاجة :
قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وكذلك بيع الغرر هو من جنس الميسر ويباح منه أنواع عند الحاجة ورجحان المصلحة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/ 471).
وقال رحمه الله : "وبيع الغرر نُهي عنه لأنه من نوع الميسر الذي يفضي إلى أكل المال بالباطل ، فإذا عارض ذلك ضرر أعظم من ذلك أباحه ؛ دفعا لأعظم الفسادين باحتمال أدناهما . والله أعلم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 483).
وقال أيضا : " ومفسدة الغرر أقل من الربا , فكذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجة , فإن تحريمه أشد ضررا من ضرر كونه غررا , مثل : بيع العقار , وإن لم تعلم دواخل الحيطان والأساس , ومثل بيع الحيوان الحامل أو المرضع , وإن لم يعلم مقدار الحمل واللبن , وإن كان قد نهي عن بيع الحمل مفردا , وكذلك اللبن عند الأكثرين , ومثل بيع الثمرة بعد بدو صلاحها , فإنه يصح مستحق الإبقاء كما دلت عليه السنة , وذهب إليه الجمهور كمالك والشافعي وأحمد , وإن كانت الأجزاء التي يكمل بها الصلاح لم تخلق بعد . وجوز صلى الله عليه وسلم لمن باع نخلا قد أُبِّرت أن يشترط المبتاع ثمرتها , فيكون قد اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها , لكن على وجه البيع للأصل , فظهر أنه يجوز من الغرر اليسير ضمنا وتبعا ما لا يجوز من غيره " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/ 21).
ثانيا :
الذي يظهر جواز أن يعمل الإنسان طبيبا في قسم التأمين بالمستشفى ؛ ولا يعد ذلك من الإعانة على المحرم ؛ لأن من المراجعين من هو محتاج للتأمين ، أو مجبر عليه ، أو أجبرت شركته على التأمين له ، أو لأسرته ، وهؤلاء يباح لهم الانتفاع بالتأمين الصحي كما سبق ، ويبقى من كان غير محتاج له ، وهذا يعسر تمييزه ، ونسأل الله أن يعفو عنه .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب