السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

قول الله تعالى : ( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ) ليس من آيات الصفات

202353

تاريخ النشر : 22-06-2013

المشاهدات : 39118

السؤال

|السؤال:
يقول الله "أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله" ، فهل يوصف الله بالجنب ؟

الجواب

الحمد لله.


قول الله تعالى : ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ) الزمر/ 56 ، ليس من آيات الصفات ، وإنما المعنى : يا حسرتى على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به ، وقصرت في الدنيا في طاعة الله .
انظر : "تفسير الطبري" (21/314) .
قال الإمام الدارمي رحمه الله في "الرد على المريسي" (2/ 807):
" وادَّعى الْمُعَارِضُ أَيْضًا زُورًا عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ : ( يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه ) قَالَ: يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْجَنْبَ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ وَلَيْسَ عَلَى مَا يتوهَّمونه .
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ : مَا أَرْخَصَ الْكَذِبَ عِنْدَكَ ، وأخفَّه عَلَى لِسَانِكَ ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ فَأَشِرْ بِهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ قَالَهُ ، وَإِلَّا فَلِمَ تشنّع بِالْكَذِبِ عَلَى قَوْمٍ هـم أَعْلَمُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مِنْكَ ، وَأَبْصَرُ بِتَأْوِيلِ كِتَابِ اللَّهِ مِنْكَ ، وَمِنْ إِمَامِكَ ؟ إِنَّمَا تَفْسِيرُهَا عِنْدَهُمْ ، تَحَسُّرُ الْكفَّار على مَا فرطوا فِي الْإِيمَانِ وَالْفَضَائِلِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى ذَاتِ اللَّهِ ، وَاخْتَارُوا عَلَيْهَا الْكُفْرَ وَالسُّخْرِيَةَ بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ ، فَسَمَّاهُمُ السَّاخِرِينَ فَهَذَا تَفْسِيرُ الْجَنْبِ عِنْدَهُمْ ، فَمن أَنْبَأَكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: جَنْبٌ مِنَ الْجُنُوبِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَجْهَلُ هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ مِنْ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ ، فَضْلًا عَنْ عُلَمَائِهِمْ " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لَا يُعْرَفُ عَالِمٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا طَائِفَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ، أَثْبَتُوا لِلَّهِ جَنْبًا نَظِيرَ جَنْبِ الْإِنْسَانِ ، وَهَذَا اللَّفْظُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ : ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) .
فَلَيْسَ فِي مُجَرَّدِ الْإِضَافَةِ مَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْمُضَافُ إِلَى اللَّهِ صِفَةً لَهُ ، بَلْ قَدْ يُضَافُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَعْيَانِ الْمَخْلُوقَةِ ، وَصِفَاتِهَا الْقَائِمَةِ بِهَا : مَا لَيْسَ بِصِفَةٍ لَهُ بِاتِّفَاقِ الْخَلْقِ ، كَقَوْلِهِ : (بَيْتُ اللَّهِ) ، وَ ( نَاقَة اللَّهِ ) ، وَ ( عِبَاد اللَّهِ ) بَلْ وَكَذَلِكَ ( رُوحُ اللَّهِ) عِنْدَ سَلَفِ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّتِهِمْ وَجُمْهُورِهِمْ.
وَلَكِنْ إِذَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا هُوَ صِفَةٌ لَهُ ، وَلَيْسَ بِصِفَةٍ لِغَيْرِهِ ، مِثْلَ كَلَامِ اللَّهِ وَعِلْمِ اللَّهِ، وَيَدِ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، كَانَ صِفَةً لَهُ .
وَفِي الْقُرْآنِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَنْبِ مَا هُوَ نَظِيرُ جَنْبِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ قَالَ: ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ) .
وَالتَّفْرِيطُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.
وَالْإِنْسَانُ إِذَا قَالَ: فُلَانٌ قَدْ فَرَّطَ فِي جَنْبِ فُلَانٍ أَوْ جَانِبِهِ ، لَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّ التَّفْرِيطَ وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ نَفْسِ ذَلِكَ الشَّخْصِ ، بَلْ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ فَرَّطَ فِي جِهَتِهِ وَفِي حَقِّهِ .
فَإِذَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْمَخْلُوقِ لَا يَكُونُ ظَاهِرَهُ أَنَّ التَّفْرِيطَ فِي نَفْسِ جَنْبِ الْإِنْسَانِ الْمُتَّصِلِ بِأَضْلَاعِهِ ، بَلْ ذَلِكَ التَّفْرِيطُ لَمْ يُلَاصِقْهُ ، فَكَيْفَ يُظَنُّ أَنَّ ظَاهِرَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ - أَنَّ التَّفْرِيطَ كَانَ فِي ذَاتِهِ ؟ " .
انتهى من "الجواب الصحيح" (4/ 415-416) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب