الحمد لله.
أولا :
حكم البحث عن المعادن في أرض غير المملوكة لأحد في بلاد غير إسلامية هو كالبحث عنها
في البلاد الإسلامية .
قال الشافعي - رحمه الله تعالى - في سياق ما يصيبه المسلم من بلاد الكفار:
" فأصل معرفة المباح منه : أن ينظر إلى بلاد الإسلام ؛ فما كان فيها مباحا من شجر
ليس يملكه الآدمي ، أو صيد من بر أو بحر : فأخذ مثله في بلاد العدو ، فهو مباح لمن
أخذه ، يدخل في ذلك القوس يقطعها الرجل من الصحراء أو الجبل ، والقدح ينحته ، وما
شاء من الخشب ، وما شاء من الحجارة ، البرام وغيرها ، إذا كانت غير مملوكة محرزة ؛
فكل ما أصيب من هذه : فهو لمن أخذه ، لأن أصله مباح غير مملوك " .
انتهى من " الأم " للشافعي (4/ 280) .
فإذا كان النظام هناك لا
يمنعك من مزاولة هذا العمل ، فلا حرج عليك فيه ، وإذا كان لهم شروط معينة لمزاولة
ذلك : فيجب عليك الوفاء بها ؛ لقوله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ
الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) الإسراء / 34 .
ثانيا:
حكم ما تجده من المعادن والحلي فيه تفصيل على النحو التالي :
- إن كان معدنا خاما متصلا
بالأرض وليس مودعا فيها .
فهذا من المباح الذي قال الله فيه : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي
الْأَرْضِ ) سورة البقرة /29.
وعليك أن تؤدي زكاته ، ومقدار الزكاة فيه هو ربع العشر من نفس المعدن المستخرج ، إن
كان ذهبا أو فضا ، أو ربع العشر من قيمته إن كان من غير الذهب والفضة .
ويكون وقت وجوب الزكاة : هو وقت الاستخراج ، ولا ينتظر به مرور الحول .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تعداد ما لا يشترط لوجوب الزكاة فيه مرور الحول
:
" الخامس: المعدن ، لأنه أشبه بالثمار من غيرها ، فلو أن إنساناً عثر على معدن ذهب
أو فضة ، واستخرج منه نصاباً : فيجب أداء زكاته فوراً ، قبل تمام الحول " .
انتهى من " الشرح الممتع " (6 / 20) .
- إذا كان كنزا مودعا في
الأرض ، وعليه علامة تدل على أنه ركاز ، أي من دِفن الجاهلية : فيجب عليك إخراج
خُمسه لأهل الزكاة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( وفي الرِّكازِ الخُمْس ) رواه
البخاري (1499) ، ومسلم (1710).
وقد سبق بيان خلاف العلماء في الركاز يوجد في أرض الكفار، وأن الراجح وجوب إخراج
الخُمس منه ، في جواب السؤال ذي الرقم : (101584)
.
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وإن وَجد في أرضهم ركازا ، فإن كان في موضع يقدر عليه بنفسه ، فهو كما لو وجده في
دار الإسلام : فيه الخمس ، وباقيه له ... وقال الشافعي : إن وجده في مواتهم ، فهو
كما لو وجده في دار الإسلام " انتهى من " المغني " (9 /277) .
قال ابن دقيق العيد :
" تكلم الفقهاء في الأراضي التي يوجد فيها الركاز، وجعل الحكم مختلفا باختلافها،
ومن قال منهم: بأن في الركاز الخمس ، إما مطلقا ، أو في أكثر الصور : فهو أقرب إلى
الحديث " . انتهى من " إحكام الأحكام " (1/ 381) .
وقد سبق بيان علامات الركاز ، ومقدار الواجب فيه في السؤال رقم : (83746)
.
- إذا كان كنزا أو حليا
ونحوها من المودعات في الأرض ، وليس عليه علامة تدل على أنه ركاز ، فهو لقطة .
جاء في " كشاف القناع " (2/ 228) :
" أو لم تكن عليه علامة ، كالأواني والحلي ، والسبائك : فهو لقطة ؛ لا يملك إلا بعد
التعريف " انتهى .
وحكم اللقطة في بلاد الكفار كحكمها في بلاد المسلمين ، قال ابن قدامة رحمه الله :
"ومن وجد لقطة في دار الحرب .... إن كان دخل دارهم بأمان ، فينبغي أن يعرفها في
دارهم ؛ لأن أموالهم محرمة عليه ، فإذا لم تعرف ، ملكها كما يملكها في دار الإسلام
" .
انتهى من " المغني " (6 /92) .
ولا تجب عليك فيها زكاة إلا
إذا ملكتها بعد التعريف ، ففيها ما في سائر أموالك الأخرى ، إذا مر عليها الحول بعد
التملك .
وللتوسع في أحكام اللقطة ينظر جواب السؤال : (5049)
،(4046) .
والله أعلم .
تعليق