الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

استفسار عن حديث يشتمل على جملة من علامات اقتراب الساعة

334348

تاريخ النشر : 16-09-2020

المشاهدات : 31619

السؤال

ما صحة الحديث التالي : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (يأتي زمان على أمتي يذهب فيه الخشوع ، ويأتي زمان يكثر فيه موتُ الفجأه، ويأتي زمان يكثرُ فيه الزﻻزل، ويأتي زمان ﻻ يُسلِم المسلم إﻻ على من يعرف، ويأتي زمان يكثر فيه الهرج ـ القتل ـ ، ويأتي زمان على ناس كلً يتباهى بمعصيته)، قيل : متى يا رسول الله ؟ قال : (يحصلُ هذا في آخر الزمان، فإذا حدث فانتظروا قيام الساعة) .

الجواب

الحمد لله.

لم نقف على حديث واحد بهذا السياق، تاما .

لكن ما جاء فيه ، قد ورد من روايات عديدة ، في أحاديث متفرقة :

أولا:

فأما رفع الخشوع.

فهو ما رواه جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ:" بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ:  هَذَا أَوَانُ الْعِلْمِ أَنْ يُرْفَعَ .

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: أَيُرْفَعُ الْعِلْمُ يَا رَسُولَ اللهِ وَفِينَا كِتَابُ اللهِ، وَقَدْ عَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ ضَلَالَةَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَعِنْدَهُمَا مَا عِنْدَهُمَا مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .

فَلَقِيَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ بِالْمُصَلَّى، فَحَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفٌ، ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَا رَفْعُ الْعِلْمِ؟

قَالَ: قُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَالَ: ذَهَابُ أَوْعِيَتِهِ. قَالَ: وَهَلْ تَدْرِي أَيُّ الْعِلْمِ أَوَّلُ أَنْ يُرْفَعَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَالَ: الْخُشُوعُ، حَتَّى لَا تَكَادُ تَرَى خَاشِعًا " .

رواه الإمام أحمد في "المسند" (39 / 417 - 418)، والحاكم في "المستدرك" (1 / 98 - 99)، وصححه، ووافقه الذهبي.

ثانيا:

وأما ظهور موت الفجأة.

فقد رواه الطبراني في "المعجم الصغير" (1132) و"المعجم الأوسط" (9 / 147)، قال: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ ذَرِيحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  مِنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ : أَنْ يُرَى الْهِلَالُ قِبَلًا، فَيُقَالُ لِلَيْلَتَيْنِ، وَأَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدَ طُرُقًا، وَأَنْ يَظْهَرَ مَوْتُ الْفُجَاءَةِ  .

والهيثم بن خالد المصيصي ضعيف.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" الهيثم بن خالد بن عبد الله المصيصي، عن عبد الكريم بن المعافى. قال الدارقطني: ضعيف " انتهى من"المغني في الضعفاء" (2 / 716).

وتابعه يوسف بن سعيد بن مسلم، كما عند الضياء المقدسي في "المختارة" (2325)، قال:

أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ مَحْمُودٍ الْحَاتِمِيُّ بِهَرَاةَ، أَنَّ عَبْدَ السَّلامِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَهُمْ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ الْفَارِسِيُّ، أخبرنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، قِيلَ لَهُ: حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حدثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، حدثَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ الْمُعَافَى، حدثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ ذَرِيحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  إِنَّ مَنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ : أَنْ يُرَى الْهِلالُ لِلَيْلَةٍ ، فَيُقَالُ لِلَيْلَتَيْنِ، وَأَنْ يَظْهَرَ مَوْتُ الْفُجَاءَةِ، وَأَن تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقا .

لكن مدار الإسناد على شريك، وشريك ليس بالقوي عند التفرد ، وعدم وجود المتابع له، وقد روى عنه ابن الجعد هذا الخبر مرسلا، فروى البغوي في "مسند ابن الجعد" (2489)، قال: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أخبرنا شَرِيكٌ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ ذريحٍ، عَنْ عَامِرٍ – الشعبي-، رَفَعَهُ قَالَ:  إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ قَبَلًا، فَيُقَالُ هَذَا ابْنُ لَيْلَتَيْنِ، وَأَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالْمَسْجِدِ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَوْتُ الْفُجَاءَةِ  .

وتابع شريكا على إرساله حماد بن سلمة عن عاصم ابن بهدلة، كما رواه الداني في "السنن الواردة في الفتن" (4 / 789).

حيث قال الداني: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْدَلُسيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ مَوْتَ الْفَجْأَةِ  .

وورد له وجه آخر.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" وهذا إسناد مرسل حسن، محمد بن يحيى هو ابن سعيد بن فروخ القطان، وهو ثقة.

وأما أبوه فحافظ ثقة إمام، ومن فوقهم معروفون " انتهى من "السلسلة الصحيحة" (5 / 370).

وقد جاء في "علل الدارقطني" (12 / 163):

" وسئل عن حديث عامر الشعبي، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا، فيقال: لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقا، وأن يظهر موت الفجأة  .

فقال: يرويه عبد الكبير بن المعافى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ، بْنِ ذُرَيْحٍ، عَنْ الشعبي، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.

وغيره يرويه، عن الشعبي مرسلا، والله أعلم " انتهى

ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 199)، عن الشعبي؛ لكن غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

حيث قال ابن أبي شيبة: حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَن الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ يُقَالُ:  اقْتِرَابُ السَّاعَةِ: مَوْتُ الْفَجْأةِ  .

لكن في إسناده مجالد، وفيه ضعف.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" مجالد بن سعيد الهمداني الأخباري؛ عن الشعبي، وقيس بن أبي حازم، وعنه ابنه إسماعيل، وشعبة، والقطان، ضعفه ابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرة: ثقة " انتهى من "الكاشف" (2 / 239).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" مُجَالِد بن سعيد بن عُمَير الهَمْداني، أبو عمرو الكوفي، ليس بالقويِّ وقد تَغَيَّر في آخر عمرِه " انتهى. "تقريب التهذيب" (ص 520).

ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 200)؛ من كلام مجاهد.

قال: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدَ بْنَ أَبِي رَاشِدٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ:  مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ مَوْتُ الْبِدَارِ  .

وفي سنده مجاهد بن أبي راشد.

وثقه يحي بن معين في "رواية ابن طهمان" (ص 82).

وفي "تاريخ ابن معين - رواية الدوري" (3 / 494):

" حدثنا العباس، حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثني محمد بن بشر العبدي، عن مجاهد بن رومي، عن مجاهد، قال:   لا تقوم الساعة حتي يكثر التراز. قيل: وما هو التراز؟ قال: موت الفجأة  .

فحدثت به يحيى بن معين، وأخبرته أن عثمان حدثني به، فقال يحيى: لا والله! ما سمع محمد بن بشر من مجاهد بن رومي شيئا قط. هذا رجل يروى عنه سفيان ونحوه، ولكن لعل ابن بشر أرسله لهم " انتهى.

فالحاصل؛ أن هذا الخبر ليس له إسناد قائم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن معناه لا يخرج عن حال آخر الزمان من كثرة الذنوب وعقوباتها، ولعل ما نراه حاصلا في هذه الأزمان من كثرة موت الفجاءة ، بسبب حوادث وسائل النقل ونحو ذلك : من هذا الباب .

ثالثا:

وأما كثرة الزلازل والقتل، فقد ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ  رواه البخاري (1036)، ومسلم (157).

رابعا:

وأما تسليم المسلم على من يعرف فقط.

فورد عن عَبْدِ اللهِ بن مسعود، أنّه ذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ، وَظُهُورَ الْقَلَمِ  رواه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 415 - 416). وحسنه محققو المسند.

وتسليم الخاصة: هو التسليم على المعارف فقط.

خامسا:

وأما التباهي بالمعاصي، فلم نقف على حديث ينص على هذا، لكن ورد عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ  رواه البخاري (5590).

الحِرَ: أي يستحلون الزنا.

والذي يظهر أن التباهي - غالبا - لا يكون إلا عن استحلال للفعل واستحسان له.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب